يبحث العديد من الأشخاص عن أهم أنواع الشركات في الفقه الإسلامي؛ رغبة منهم في التعرف بشكل تفصيلي على أنواع هذه الشركات وما يندرج تحتها من أحكام وضوابط، ويرجع ظهور الشركات بشكلها المتعارف عليها في الوقت الحالي إلى العهد البابلي، لكن لم يتم العمل على تنظيمها إلا في القرن الثاني عشر الميلادي.
وقد أولى الفقه الإسلامي الشركات اهتمامًا بالغًا بداية من القرن الأول الهجري، وهذا يرجع إلى أن الشريعة الإسلامية عقيدة شاملة، نتج عنها نظام كامل، ولتحقيق الاستقرار فيه هناك حث دائم على كسب الرزق والسعي من خلال استثمار الأموال وتنميتها، وتعد الشركات من أهم الوسائل المستخدمة لهذا الأمر.
ولذلك في هذا المقال، قررنا الحديث بشكل مفصل عن أنواع الشركات في الفقه الإسلامي، وأيضًا بعض المعلومات الهامة التي تتعلق بها.
وقبل الحديث عن أنواع الشركات في الفقه الإسلامي، يجب تعريف الشركات في الفقه
تُعرف الشركة لغة أنها “تُنطق بكسر الشين وسكون الراء، وقيل بفتح الشين وسكون الراء أو كسرها، وهي تعني وجود شيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما، ويُقال أشركت فلانًا إذا جعلته شريكًا لك، ويُقال شاركت فلانًا إذا صرت شريكه”.
ومن ذلك قول الله تعالى في قصة نبي الله موسى عليه السلام في سورة طه:”وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي”.
وقد تعددت تعريفات الشركة من ناحية الاصطلاح، وهي كالتالي:
- الحنفية: عقد بين المتشاركين في الأصل والربح.
- الحنابلة: الاجتماع في استحقاق أو تصرف.
- الشافعية: ثبوت الحق لاثنين أو أكثر في شيء.
ويمكن القول أن تعريف الحنفية هو الأكثر دقة من بين هذه التعريفات الفقهية للشركة من ناحية الاصطلاح؛ وهذا يرجع إلى أن تعريف الحنفية يقوم بتوضيح حقيقة الشركة، وأنها عبارة عن عقد، وهذا بخلاف ما يرد في تعريف الحنابلة والشافعية؛ إذ أن جميعها يقوم بالتركيز على أهداف الشركة والنتائج التي تترتب عليها.
قد يهمك أبضًا قراءة: أنواع الشركات في السعودية
أنواع الشركات في الفقه الإسلامي| دليل مشروعية الشركات
عند الحديث عن دليل مشروعية الشركة، فقد ثبتت مشروعيتها من خلال القرآن الكريم وكذلك السنة النبوية وأيضًا الإجماع، وبيان هذا الأمر في السطور القادمة.
– القرآن الكريم: يقول الله عز وجل:”فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ”، ويقول في موضع آخر:”وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ”.
– السنة النبوية: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل:”أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما”.
وورد أيضًا عن سليمان بن أبي مسلم، قال: سألت أبا المنهال عن الصرف يدًا بيد، فقال: اشتريت أنا وشريك لي شيئًا يدًا بيد ونسيئة، فجاءنا البراء بن عازب فسألناه، فقال: فعلت أنا وشريكي زيد بن أرقم وسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ما كان يدًا بيد فخذوه، وما كان نسيئة فذروه.
– الإجماع: أجمع الفقهاء والعلماء على أن الشركة جائزة إجمالًا.
احصل على استشارة قانونية بـ 200 ريال فقط بدلًا من 500 ريال
أنواع الشركات في الفقه الإسلامي
بالحديث عن أنواع الشركات، يمكن القول أن أنواع الشركات في الفقه الإسلامي تنقسم إلى قسمين، الأول هو شركة الأملاك، والثاني هو شركة العقود، وينبثق عن كل منهما عدة أنواع وأقسام أخرى.
1- شركة الأملاك:
تعرف شركة الأملاك أنها امتلاك شخصين أو أكثر عينًا دون عقد الشركة، مثل امتلاك الهبة أو الإرث، وتنقسم شركة الأملاك إلى نوعين، النوع الأول يثبت بفعل الشريكين، والنوع الثاني يثبت من غير فعل الشريكين، وسنقوم بتوضيح هذا الأمر في السطور القادمة.
– شركة الاختيار: هي شركة يتم تأسيسها وإنشائها بفعل الشريكين، كأن يقوم الشريكان بشراء شيء ما، أو يُوصى لها بشيء أو يُوهب لهما ويقبلا؛ ففي هذه الحالة يصبح الشيء المُشترى والموصى به أو الموهوب مشتركًا بين الشريكين شركة ملك.
– شركة جبر: تُعرف هذه الشركة أنها شركة تثبت لشخصين أو أكثر بغير فعلهما، كأن يرث الشخصين شيئًا؛ ففي هذه الحالة يكون الشيء الموروث مشتركًا بينهما.
وعند الحديث عن حكم شركة الأملاك، فيمكن القول أنه في هذه الشركة بنوعيها لا يمكن لأي من الشريكين التصرف في نصيب شريكه دون إذن منه، ولا يوجد ولاية لكل منهما في نصيب الآخر.
2- شركة العقود:
تعد شركة العقود من أهم أنواع الشركات في الفقه الإسلامي، وهي عبارة عن عقد يتم بين المتشاركين في الأصل والربح معًا، أو المتشاركين في الربح فقط، وتنقسم هذه الشركة إلى عدة أقسام متعددة.
– شركة العِنان:
تُعرف شركة العنان أنها عبارة عن اشتراك شخصين بمالهما، ويتم الاتفاق على العمل في هذا المال، مع اقتسام الربح بينهما، ويرجع السبب وراء تسمية هذه الشركة بهذا الاسم إلى تساوي الشريكين في المال والتصرف، بالإضافة إلى أنها شركة جائزة بالإجماع.
وهذا النوع من أنواع الشركات في الفقه الإسلامي السائدة في المجتمع؛ وهذا يرجع إلى أنه لا يشترط فيها المساواة في المال أو التصرف، حيث يمكن أن يمتلك أحد الشريكين حصة من المال أكثر من شريكه الآخر، كما يمكن أن يكون أحد الشريكين مسؤولًا عن الشركة والآخر غير كذلك.
كما يجوز أن يتساوى الشريكان في الربح أو يختلفا فيه؛ وهذا يرجع إلى اتفاقهما في البداية، وأما عن الخسارة فهي تكون وفقًا لرأس المال، استنادًا إلى “الربح على ما شرطا، والوضيعة على قدر المالين”.
– شركة الأبدان أو الأعمال:
تُعرف هذه الشركة التي تتبع أنواع الشركات في الفقه الإسلامي أنها عبارة عن اشتراك شخصين أو أكثر فيما يحصلون عليه من كسب بأيديهم، كأن يشتركا في عمل يخص الخياطة، ويقولا:”اشتركنا على أن نعمل في هذا العمل، وما نحصل عليه من كسب فهو بيننا”.
وقد أجاز كل من الحنفية والمالكية والحنابلة هذه الشركة؛ لأن الهدف منها هو تحقيق الربح، وهو أمر يمكن بالتوكيل، كما أن الشركة قد تكون بالمال أو بالعمل، وهذه الشركة تقوم على عمل من الأعمال.
وقد اشترط المالكية لجواز هذه الشركة وجوب اتحاد صنعة كل من الشريكين وكذلك المكان؛ إذ أن اختلاف صنعة كل منهما قد يؤدي إلى الغرر، أما عن الشافعية فقد قالوا ببطلان هذه الشركة؛ لعدم وجود المال فيها ولما تتضمنه من غرر.
قد يهمك أبضًا قراءة: خطوات تحويل مؤسسة إلى شركة في السعودية
– شركة المضاربة:
تعرف هذه الشركة أنها عبارة عن عقد شراكة في الربح بمال من ناحية صاحب المال، وعمل من ناحية المضارب، أما عن الربح فهو يكون وفق ما اتفقا عليه في العقد، وفي حالة حدوث أي خسارة فإن صاحب المال هو من يقوم بتحملها، ولا يخسر المضارب سوى جهده وعمله.
وقد أجاز الفقهاء هذه الشركة، وهذا يرجع إلى أنها لا تخالف تعاليم الشريعة، ويحتاج إليها المجتمع؛ وهذا نظرًا إلى أن الأموال لا تزداد إلا من خلال التجارة، وليس كل مالك للمال يحسن التجارة، ولا كل من يحسن التجارة مالك للمال؛ لذلك شُرعت المضاربة.
– شركة المفاوضة:
هذه الشركة من أهم أنواع الشركات في الفقه الإسلامي، وهي عبارة عن تعاقد شخصين أو أكثر حول الاشتراك في عمل ما، ويشترط التساوي بينهما في كل من “رأس المال – الدين – التصرف”، كما أن كل منهما يصبح كفيلًا عن الطرف الآخر من ناحية الواجب عليه من الشراء والبيع، وبموجب هذه الشركة يصبح الشريكان متضامنان في الحقوق والواجبات التي تتعلق بما يتم التجارة فيه.
– شركة الوجوه:
يمكن تعريف هذه الشركة أنها عبارة عن اشتراك شخصين لا مال لهما، ولكنهما يملكان الوجاهة عند الناس، ويقولا: اشتركنا في الشراء بالنسيئة والبيع بالنقد، وما نحصل عليه من ربح فهو بيننا، ويمكن وضع شروط لهذا الأمر، ويرجع السبب وراء تسمية هذا النوع من أنواع الشركات في الفقه الإسلامي بهذا الاسم إلى أنه عادة لا يتعامل بالنسيئة إلا الوجيه من الناس، ولذلك سميت الشركة شركة الوجوه.
وقد أجاز كل من الحنفية والحنابلة هذه الشركة؛ لأنها عبارة عن عقد يتضمن توكيل كل طرف للآخر في البيع والشراء، أما عن الشافعية والمالكية فقد ذهبوا إلى عدم جواز هذه الشركة وبطلانها؛ لأن الشركات تعتمد على المال أو العمل، وكلاهما لا وجود لهما في هذه الشركة، بالإضافة إلى وجود الغرر.
وفي ختام المقال، يجب العلم أن التجارة من أفضل طرق تنمية المال، وتعد الشركات وسيلة من وسائل التجارة، كما أن أنواع الشركات في الفقه الإسلامي متعددة، ويمكن لكل من يرغب في التجارة الاتجاه إلى النوع الذي يرتضيه ويرغب به.
وفي حالة وجود أي استشارات قانونية بشأن هذا الأمر؛ فيمكنكم طلب استشارة من خلال الموقع (طلب استشارة قانونية) أو التواصل معنا بكل سهولة على الواتساب من هنا.
روابط قد تهمك:
كمال، كاتب محتوى محترف ومتخصص في تحسين محركات البحث (SEO) بخبرة تزيد عن 5 سنوات، يركز على كتابة مقالات مميزة وجذابة تلبي احتياجات الجمهور وتعزز من ترتيب المواقع على محركات البحث، حيث يجمع بين مهارات الكتابة الإبداعية وفهم عميق لتقنيات السيو، مما يساعد العملاء على تحقيق نجاح رقمي ملحوظ.