أهم مزايا نظام الإثبات السعودي الجديد

نظام الإثبات

تشهد البيئة التشريعية في المملكة العربية السعودية نقلة نوعية في مجال تطوير الأنظمة والتشريعات القانونية وقد تمَثّل هذا التطوير في إصدار مجموعة من الأنظمة الجديدة وذلك تحقيقًا لأهداف رؤية 2030 وبما يتماشى مع أحدث معايير الأنظمة والقوانين العالميّة.

وقد كان أول هذه الأنظمة إصدار نظام الإثبات السعودي الجديد باعتبار أنّ أي نظام تشريعي يجب أن يبدأ بنظام الاثبات أولًا قبل إصدار أي تشريعات أخرى.

حيث صدر نظام الإثبات السعودي الجديد بالمرسوم الملكي رقم م/43 لعام 1443هـ، وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 7/1/2022م وأصبح ساري المفعول بتاريخ 6/7/2022م.

أهمية الإثبات:

لا شك أن الإثبات هو الحجة والدليل على وجود الحق وهو يعتبر الأساس الذي تستند إليه المحاكم في إصدار احكامها ولا يمكن لأي شخص اقتضاء حقه إلا إذا تمكن من إقامة الدليل على وجود هذا الحق وذلك من خلال وسائل الإثبات القانونية والتي نص عليها نظام الإثبات السعودي الجديد.

ما هي وسائل الإثبات التي نص عليها نظام الإثبات السعودي:

جاء نظام الاثبات السعودي بتسع وسائل إثبات وهو بذلك تفوق على كافة التشريعات العربية والتي نصت فقط على سبع وسائل إثبات وهي:

  1. الإقرار.
  2. الأدلة الكتابية.
  3. اليمين.
  4. القرائن.
  5. الشهادة.
  6. الخبرة.
  7. المعاينة.
  1. وقد أضاف المشرع السعودي وسيلتين اضافيتين وهي:
  2. الأدلة الرقمية.
  3. العرف.

ويعتبر إضافة الدليل الرقمي انعكاسا لمواكبة التطورات التقنية التي تشهدها البلاد وانتشار التعاملات الإلكترونية حيث باتت الحاجة ماسة لإصدار نظام يعتمد على وسيلة الإثبات الرقمية لضمان حقوق الأفراد وفقًا للقانون.

سنستعرض شرح مبسط لكل وسيلة من وسائل الاثبات التي نص عليها نظام الإثبات السعودي.

أولًا الإقرار واستجواب الخصوم:

الإقرار القضائي: وهو اعتراف الخصم أمام المحكمة الناظرة في الدعوى بوجود حق عليه للغير ويعتبر الإقرار القضائي حجة قاطعة على المُقرّ بما أقر به ولا يجوز الرجوع عنه ويعتبر من أقوى الأدلة.

الإقرار غير القضائي: وهو الإقرار الذي يصدر خارج مجلس القضاء أو أمام جهة إدارية وهو لا يعتبر حجة قاطعة ويجوز اثباته بالشهادة.

وأما الاستجواب فقد أجاز النظام للخصم أن يستجوب خصمه مباشرة ولم يعلقه على موافقة المحكمة أو يتركه لسلطتها التقديرية ولكن يحق للمحكمة أن تمنع كل سؤال لا يتعلق بالدعوى أو غير منتج فيها أو غير جائز قبوله.

كما أنّ للمحكمة سلطة استجواب من يكون حاضراً من الخصوم سواء أكان ذلك من تلقاء نفسها أو نتيجة طلب من أحد الخصوم ولا يجوز استجواب الخصم عديم الأهلية أو ناقصها وإنما يُستجوب من ينوب عنه.

ثانيًا الأدلة الكتابية:

المحررات الرسمية: وهي الوثائق التي يتم كتابتها او توثيقها من قبل موظف عام وضمن حدود اختصاصه وسلطته.

المحررات العادية: وهي الوثائق التي يقوم الأفراد بتحريرها دون تدخل من الموظف العام وتعتبر حجة على الشخص الذي أصدرها مالم ينكر بشكل صريح ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة.

ثالثًا اليمين:

اليمين الحاسمة: وهي اليمين التي يوجهها أحد الخصوم للآخر ليحسم بها النزاع ويجوز ردها لمن وجهها فإذا أداها من وجهت إليه ثبت حقه أمام المحكمة.

اليمين المتممة: وهي اليمين التي توجهها المحكمة إلى أحد الخصوم وذلك لاستكمال الأدلة ولا يجوز توجيهها من قبل الخصوم.

 

رابعًا القرائن:

القرينة هي الدلالة القوية التي يستدل بها القاضي على وقوع أمر خفي من الأوصاف الدالة على ثبوت الواقعة القضائية المؤثرة في الحكم أو نفيها وتنقسم إلى عدة أقسام:

  1. القرينة النصية: وهي التي وردت في الكتاب والسنة فجعلها الشرع في نصوصه من الكتاب والسنة دلالة على شيء معين.
  2. القرينة الفقهية: وهي القرائن التي قررها الفقهاء واستنبطوها من الأصول العامة للشريعة وجعلوها أدلة على أمور أخرى ومستندًا في ثبوت الوقائع عند التداعي.
  3. القرينة القضائية: وهي ما يوجد في القضية محل النظر من وقائع من أقوال الخصوم ودفوعهم وما يقيمونه من أدلة على وقائع يستنبط منها القاضي ثبوت الحق المدعي به أو نفيه.
خامسًا الشهادة:

اشترط النظام أن تكون الشهادة عن مشاهدة أو معاينة أو سماع وذلك لأن الشهادة تكون بالعلم ولا تصح بغلبة الظن أما الشهادة بالاستفاضة فهي لا تصح باستثناء ما يمكن علمه بدونها كالوفاة والنكاح والنسب ولا تصح شهادة من ليس أهلًا لها كناقص الإدراك ومن لم يبلغ سن (الخمسة عشرة) مع جواز سماع شهادته على سبيل الاستئناس ليس إلا حرصًا على نزاهة صاحب الشهادة فيتعين عليه أن يفصح عن حقيقة علاقته بأطراف الدعوى وعن وجود أي مصلحة له فيها من عدمه وذلك قبل أن يُشرع بإبداء أي شهادة متعلقة بالدعوى.

سادسًا الخبرة:

إذا عرض أمام المحكمة في معرض نظرها للقضية مسألة فنية يتوقف فصل النزاع عليها فللمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها ندب خبير أو أكثر من أهل الاختصاص ليعطي مشورته في المسائل الفنية التي يستلزمها الفصل في الدعوى كما يجوز أن تقوم المحكمة بندب خبير بناء على طلب أحد الخصوم وتجدر الإشارة الى أن الخبرة ليست ملزمة للمحكمة وانما يستنير بها القاضي في الأمور الفنية لبناء تصور واضح عن القضية بغية تحقيق العدالة.

سابعًا المعاينة:

يمكن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقرر الانتقال إلى محل الواقعة لمعاينة المحل المتنازع عليه ليكون الحكم بعدها عن بيّنة وبصيرة وهذا يعني أن تنقل جلسة المحكمة إلى محل الواقعة حيث يحرر محضر المعاينة هناك وتعتبر جلسة المحكمة بذلك معقودة بصفة رسمية. كما يجوز لكل صاحب مصلحة الطلب من المحكمة معاينة واقعة معينة لإثبات حالتها الراهنة وخشية زوال معالمها.

 

ثامنًا الأدلة الرقمية:

تناول نظام الاثبات السعودي الأدلة الرقمية بالتقنين لأول مرة ومنحها الحجية الكاملة في الإثبات وهو يمثل نقلة نوعية في نظام الإثبات وتطورًا ملحوظا ومهمًا نظرًا للتطور التكنولوجي الكبير الذي تشهده المملكة العربية السعودية.

وقد بينت المادة الثالثة والخمسون من نظام الإثبات مفهوم الدليل الرقمي بأنّه كل دليل مستمد من أي بيانات تنشأ أو تصدر أو تبلغ أو تسلم أو تحفظ بأي وسيلة إلكترونية أو رقمية وتكون قابلة للحفظ أو الاسترجاع أو الحصول عليها بصورة يمكن فهمها.

كما بينت المادة الرابعة والخمسون صورا للأدلة الرقمية على سبيل المثال وليس الحصر وهي هي: 1- السجل الرقمي 2- والمحرر الرقمي 3- التوقيع الرقمي 4- المراسلات الرقمية بما فيها البريد الرقمي 5- وسائل الاتصال، 6- الوسائط الرقمية 7- أي دليل رقمي آخر.

تاسعًا العرف:

سابقًا لم يكن العرف دليل إثبات وإنما حجة تثبت به الأحكام ولكن في نظام الإثبات السعودي الجديد أصبح العرف حجة تثبت بها الأحكام بين الخصوم بشرط ألا يخالف العرف النظام العام فإذا عرضت قضية أمام المحكمة لا يوجد فيها نص محدد أو اتفاق بين الأطراف فيمكن إثبات الواقعة من خلال العرف أو العادة استنادًا لأحكام المادة 88 من نظام الاثبات.

بعد العرض الموجز لنظام الاثبات السعودي نجد أنّه كان خطوة متميزة في طريق الإصلاح والتطوير التشريعي ودعامة من دعائم رؤية المملكة 2030 والذي يُعد خطوة مهمة لاستمرار التطوير التشريعي لكافة الأنظمة في المملكة العربية السعودية.

في حال كان لديك أي استفسار بإمكانك طلب استشارة قانونية عبر موقعنا.

 

Share this post with your friends