يعد العقد الإلكتروني من أفضل صور التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، حيث يشهد العالم في السنوات الأخيرة عدة تطورات تكنولوجية في كافة المجالات والقطاعات، ونتيجة لهذا التطور السريع والملحوظ، تحرص المملكة العربية السعودية على مواكبة التطور مع العمل على تطبيقه بداخلها.
وتتميز السعودية أنها تقوم بتطبيق كافة التطورات التكنولوجية في جميع التعاملات التي يحتاج إليها كل من المستثمرين وكذلك المواطنين، والتي يعد من أهمها التعاملات التجارية وأيضًا الشخصية.
كما تعد العقود التي يتم إبرامها إلكترونيًا من أفضل الطرق التي يمكن استخدامها في عقد أي صفقة أو عقد بين أكثر من شخص في السعودية؛ وعلى إثر ذلك أصدرت المملكة نظامًا يعمل على توضيح ضوابط التعاملات الإلكترونية، بالإضافة إلى أنه يساهم في سهولة عملية تطبيقها في كافة القطاعات.
ونظرًا إلى أهمية العقد الإلكتروني في المملكة العربية السعودية، قررنا في هذا المقال الحديث بشكل مفصل عن هذا الأمر، مع العمل على توضيح أركانه وأهم خصائصه، وأيضًا مشروعيته وأشكاله.
تعريف العقد الإلكتروني
تعد العقود الإلكترونية شكلًا متطورًا من العقود التقليدية، وتوجد عدة تعريفات يمكن تعريف هذا النوع من العقود من خلالها.
– يُعرف العقد أنه عبارة عن مستند إلكتروني، يقوم بالعمل على إنشاء وتحديد الحقوق والواجبات الخاصة بكل طرف من أطراف العقد، وقد صدر هذا التعريف عن “الدليل الإرشادي للعقود الإلكترونية، والصادر من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في المملكة”.
– كما يُعرف العقد أيضًا أنه عقد يتم إبرامه من خلال أي وسيلة إلكترونية؛ ولذلك فهو يكتسب الشكل الإلكتروني، وتعمل الوسيلة الإلكترونية التي يتم إبرام العقد من خلالها على تسهيل عملية التواصل بين كافة الأطراف، ويكون هذا الأمر بشكل مسموع ومرئي.
– ويوجد تعريف آخر للعقد الإلكتروني، وهو أنه عبارة عن اتفاق يتم عقده والتفاوض حوله وتنفيذه بشكل إلكتروني، كما أن أطراف العقد عادة ما يقومون بالتفاعل مع بعضهم البعض في بيئة رقمية، دون حدوث أي مقابلة شخصية بينهم.
احصل على استشارة قانونية بـ 100 ريال فقط بدلًا من 500 ريال
أركان العقد الإلكتروني
تعد أركان العقد الذي يتم إبرامه بشكل إلكتروني من أهم الأمور التي لا بد من التعرف عليها خلال عملية التعرف على العقود الإلكترونية، كما يعد الإيجاب والقبول من أهم أركان العقود الإلكترونية، وقد نص على هذا الأمر الدليل الإرشادي للعقود الإلكترونية والذي يصدر عن هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وقد نص هذا الدليل على أنه هناك عدة أركان لا بد من توافرها حتى تصبح هذه العقود صالحة، والإيجاب والقبول هما من أهم هذه الأركان.
ولا بد من أن يقوم أحد طرفي العقد بإبداء العرض، كما يقوم الطرف الآخر بإبداء القبول لهذا العرض؛ وهذا حتى ينعقد العقد ويكون صحيحًا وخاليًا من أي شبهة قد تؤدي إلى بطلانه، هذا بالإضافة إلى أن العقود الإلكترونية مثلها مثل كافة العقود الأخرى التي تحتاج إلى أركان من أجل انعقادها، وسنقوم بتوضيح هذه الأركان في السطور القادمة.
قد يهمك أيضًا قراءة: أهم مزايا نظام الشركات السعودي الجديد
1- الرضا “الإيجاب والقبول”:
يعتبر الرضا أو ما يُعرف بـ “الإيجاب والقبول” قوام العقد الإلكتروني، وأكبر دليل على رغبة كل من الطرفين في إبرام هذا العقد، وقد سبق تعريف هذا النوع من العقود أنه عبارة عن عقد يُبرم ويُوقع عليه إلكترونيًا، ولذلك فهو يمكن إرساله إلى الطرف الآخر من خلال أي وسيلة تكنولوجية، من أجل التوقيع والبدء في تنفيذ البنود.
وهنا يجب التنويه إلى أن عملية صياغة العقد وإرساله إلى الطرف الآخر تُسمى بـ “العرض أو الإيجاب”، كما أن عملية استقبال العقد ودراسته وتوقيعه تُسمى بـ “القبول”، وبيان كل منهما فيما يأتي:
1. العرض أو الإيجاب في العقود الإلكترونية:
يعد العرض هو الخطوة الأولى في طريق إبرام العقد إلكترونيًا، وهو يكون إلكترونيًا أيضًا نظرًا إلى طبيعة العقد، ويمكن تعريف هذا العرض أنه عبارة عن أي اتصال يكون عن بعد، ولا بد من أن يكون متضمنًا جميع العناصر المطلوبة من أجل مساعدة الطرف الآخر على قبول العقد.
ويُشترط في هذا العرض أو الإيجاب أن يكون باتًا ولا رجعة فيه، وهناك حالة يسقط فيها هذا الإيجاب وهو في حالة إذا تم تعليقه على شرط وتخلف هذا الشرط، أو في حالة انتهاء الفترة المحددة للقبول، بالإضافة إلى أنه قد يسقط أيضًا في حالة رفض الطرف الآخر.
كما يتميز الإيجاب في العقود الإلكترونية بعدة خصائص، يعد من أهمها:
- يتم الإيجاب عن بعد؛ وهذا يرجع إلى طبيعة العقد، والذي يكون إلكترونيًا ويتم عن بعد.
- عادة ما يكون هذا الإيجاب هو إيجاب دولي؛ لأنه لا يتقيد بأي حدود سياسية أو جغرافية.
- تتم عملية الإيجاب عبر وسيط إلكتروني، والذي هو عبارة عن مقدم الخدمة الخاصة بالإنترنت.
2. القبول في العقود الإلكترونية:
يعد القبول هو الخطوة الثانية في عملية إبرام العقد بشكل إلكتروني، وهو يعبر عن الإرادة القاطعة بشأن إتمام التعاقد، وهو يتم إلكترونيًا عبر أي وسيلة من الوسائل المتاحة، ولا بد من أن يكون هذا القبول باتًا ومحددًا، بالإضافة إلى أنه يجب صدوره في فترة سريان الإيجاب.
ويمكن التعبير عن القبول في العقود الإلكترونية بعدة طرق مختلفة، من أهمها:
- التوقيع الإلكتروني.
- التلفظ في إحدى غرف المحادثة على الإنترنت.
- القيام بالنقر على علامة تفيد بالقبول والموافقة على العرض وبنوده.
وتعد العقود الإلكترونية مثلها مثل أي عقود أخرى يتم عقدها في السعودية، ولذلك لا بد من وجود الأهلية القانونية التي تؤهل أطراف العقد من إتمام العقد وإبرامه، هذا مع وجوب عدم وجود أي أسباب تعيب الإرادة، مثل “الغبن – التدليس – الإكراه”.
2- موافقة محل العقد للشريعة الإسلامية:
يعد من أهم أركان العقد الإلكتروني هو موافقة محل العقد للشريعة الإسلامية، وفي حالة مخالفتها يبطل هذا العقد، ومن أهم الأمثلة التي يبطل فيها العقد إذا كان محل العقد مخالفًا للشريعة والنظام وكذلك الآداب العامة، ولا بد من أن يكون محل التزام العقد موجودًا أو قابلًا للوجود في المستقبل.
وفي حالة ما إذا كان محل العقد عملًا، فلا بد من أن يكون هذا العمل ممكنًا، وغير مخالف للشريعة أو الآداب العامة في المملكة العربية السعودية.
وعند الحديث عن محل الالتزام في العقود الإلكترونية، فهي كغيرها من أنواع العقود الأخرى؛ حيث يجب وصف محل العقد بشكل دقيق، حتى يكون معلومًا للطرفين، بالإضافة إلى أنه لا بد من أن يكون المعقود عليه سليمًا وموجودًا.
أشكال العقد الإلكتروني
هناك عدة أشكال يتم استخدامها في عملية إبرام العقود الإلكترونية داخل السعودية، ويعد من أهمها:
- شبكة الإنترنت.
- الفاكس.
- التقنيات المتطورة في الهواتف الحديثة.
مشروعية العقد الإلكتروني
سبق وقد ذكرنا بالأعلى أن العقود الإلكترونية مثلها مثل العقود التقليدية الأخرى، وقد قامت السعودية بإصدار نظام المعاملات التجارية والذي قام بإضفاء المشروعية القانونية على العقود الإلكترونية، وهذا أمر مثبتًا من الشريعة الإسلامية.
وقد استدل العلماء في مشروعية العقد قول الله عز وجل:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ”، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إنما البيع عن تراض”، مما يدل على أن الأصل في العقود هو التراضي، وقد سبق توضيح أن الإيجاب والقبول من أهم أركان العقود الإلكترونية، وبالتالي فهي من أنواع العقود الجائز إبرامها.
قد يهمك أيضًا قراءة: ما هي الجولات الاستثمارية؟
أهم خصائص العقود الإلكترونية في السعودية
هناك عدة خصائص يتميز بها العقد المبرم إلكترونيًا في المملكة العربية السعودية، ويعد من أهم هذه الخصائص ما يأتي:
- وجود وسيط إلكتروني: تعد وسائل الاتصال الحديثة هي الوسيط الإلكتروني في عملية التعاقد؛ حيث يتم من خلالها القيام بعملية التفاوض على العقد وشروطه.
- إنجاز الأعمال بشكل سريع: يعد من أهم خصائص العقود الإلكترونية هو سرعة إنجاز الأعمال، سواء كانت تجارية أو غير ذلك، كما أنها لا تحتاج إلى تكلفة باهظة أو بذل مجهود كبير في عملية التفاوض.
- عدم التواجد شخصيًا في مجلس العقد: تتميز العقود الإلكترونية أنه يتم إبرامها عبر شبكة الإنترنت، دون وجود طرفي العقد في نفس المكان، وبذلك يتم اعتبار طرفي العقد حاضرين حكمًا فقط.
طريقة إثبات العقد الإلكتروني
قامت المملكة العربية السعودية بإصدار قانون جديد ينص على تنظيم وسائل الإثبات، وهو نظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) وتاريخ 26/05/1443 هـ وقد تضمن هذا القانون أو النظام الجديد وسائل الإثبات الخاصة بالدليل الرقمي.
وقد ذكرت المادة الـ 53 من هذا النظام أن الدليل الرقمي هو كل دليل مستمد من أي بيانات تنشأ أو تصدر أو تحفظ من خلال وسيلة رقمية، كما أنها تكون قابلة للاسترجاع في أي وقت، بالإضافة إلى أن المادة الـ 54 من نظام الإثبات تضمنت أنواع الأدلة الرقمية، والتي تقوم بالتأكيد على إمكانية إثبات انعقاد العقود الإلكترونية.
وفي ختام هذا المقال، كانت هذه جولة حول تفاصيل العقد الإلكتروني في المملكة العربية السعودية، وأهم التفاصيل المرتبطة به، وإذا كان لديك أي استفسار بشأنه قارئنا العزيز، أو ترغب في الحصول على استشارة قانونية؛ فيمكنك طلب استشارة من خلال الموقع (طلب استشارة قانونية) أو التواصل معنا بكل سهولة على الواتساب من هنا.
روابط قد تهمك:
كمال، كاتب محتوى محترف ومتخصص في تحسين محركات البحث (SEO) بخبرة تزيد عن 5 سنوات، يركز على كتابة مقالات مميزة وجذابة تلبي احتياجات الجمهور وتعزز من ترتيب المواقع على محركات البحث، حيث يجمع بين مهارات الكتابة الإبداعية وفهم عميق لتقنيات السيو، مما يساعد العملاء على تحقيق نجاح رقمي ملحوظ.