تحدثنا في المقالات السابقة عن نظام الشركات السعودي الجديد وأهم مزاياه وما هي أنواع الشركات التي نظمها كما استعرضنا أحكام تأسيس الشركات وإدارتها، وسوف نتحدث في هذه المقالة عن إجراءات نظام إفلاس الشركات الذي يهدف إلى تنظيم الأوضاع المالية للشخص المفلس وتمكينه من الاستفادة من هذه الإجراءات إلى أقصى حدٍ ممكن مع مراعاة حقوق الدائنين وتحقيق التوازن بين الطرف المدين والدائن واختيار الأصلح للمنشآت والحد من خروجها من دائرة النشاط الاقتصادي بسبب المصاعب المالية.
مفهوم الإفلاس:
نصت المادة الأولى من نظام الإفلاس السعودي على تعريف المفلس بأنه: (مدين استغرقت ديونه جميع أصوله) وحيث أن الإفلاس هو نظام خاص بالتجار يهدف إلى تنظيم التنفيذ على أموال المدين التاجر الذي يتوقف عن دفع ديونه التجارية فنستخلص إلى أن الديون التي تجعل المدين التاجر في حالة الإفلاس إذا توقف عن دفعها هي الديون التجارية أما التوقف عن دفع الديون المدنية فلا تجعله مفلسا.
ما هي إجراءات إفلاس الشركات التي نص عليها نظام الإفلاس السعودي الجديد:
حدد نظام الإفلاس السعودي الجديد في المادة الثانية سبعة إجراءات قانونية لازمة التنفيذ في حال إفلاس الشركة وتهدف تلك الإجراءات إلى مساعدة الشركات على التصدي للانهيار الناتج عن الإفلاس وحفظ حقوق الدائنين وهذه الإجراءات تتمثل في:
1- التسوية الوقائية.
2- إعادة التنظيم المالي.
3- التصفية.
4- التسوية الوقائية لصغار المدينين.
5- إعادة التنظيم المالي لصغار المدينين.
6- التصفية لصغار المدينين.
7- التصفية الإدارية.
أولًا التسوية الوقائية:
هو أول إجراءات الإفلاس من حيث شدتها مع المدين وهو يهدف إلى إنقاذ المدين المتعثر الذي لم تتدهور حالته المالية ومازال الأمل قائما في إصلاح حالته وإزالة أسباب تعثره ولذلك تعمل إجراءات التسوية الوقائية على تيسير توصل المدين إلى اتفاق مع دائنيه على تسوية لديونه ويحتفظ المدين فيه بإدارة نشاطه. نصت المادة 13 الفقرة الأولى من نظام الإفلاس لكل مدين ممن ينطبق عليه نظام الإفلاس أن يتقدم إلى المحكمة المختصة بطلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية في أي من الحالات الآتية:
- إذا كان من المرجح أن يعاني من اضطرابات مالية يخشى معها تعثره.
- إذا كان متعثرًا.
- إذا كان المدين مفلسًا.
وكما اشترطت المادة 13الفقرة الثانية من نظام الإفلاس لقبول طلب التسوية الوقائية ألا يكون قد سبق له الخضوع إلى هذا الإجراء أو إلى إجراء التسوية الوقائية لصغار المدينين خلال (الاثني عشر) شهرًا السابقة لطلب افتتاح الإجراء. فالغاية من هذا الإجراء هو مساعدة المدين للعودة إلى ممارسة نشاطه في أسرع وقت والعمل على تصحيح وضعه مع الدائنين وحمايته من أي تصرف من الدائنين تجاه اصوله ونلاحظ أن المدين في إجراء التسوية لا تغل يده مطلقًا ولا يمنع من إدارة أمواله حتى وإن كان مفلسًا وله الحق في إدارة أمواله والوفاء بجميع التزاماته التعاقدية.
ثانيًا إعادة التنظيم المالي:
إن الغاية من إجراء إعادة التنظيم المالي وفق نظام الإفلاس السعودي هو تيسير توصل المدين إلى اتفاق مع دائنيه على إعادة التنظيم المالي لنشاطه تحت إشراف أمين إعادة التنظيم المالي. بينت المادة 42 من نظام الإفلاس السعودي أنه يحق للمدين أو الدائن أو الجهة المختصة بتنظيم نشاط الكيان وهو شخص مرخص له بممارسة نشاط مالي أو يدير مرفق عام، التقدم للمحكمة بطلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي للمدين في أي من الحالات الآتية:
- إذا كان من المرجح أن يعاني من اضطرابات مالية يخشى معها تعثره.
- إذا كان متعثرًا.
- إذا كان المدين مفلسًا.
كما أنه لا يحق التقدم بطلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي إذا كان سبق للمدين الخضوع إلى هذا الإجراء أو إجراء إعادة التنظيم المالي لصغار المدينين خلال الاثني عشر شهر السابقة لطلب افتتاح الإجراء. ومن فوائد هذا الاجراء المحافظة على قيام مؤسسة المدين وإعطائه فرصة أفضل بأن يقوم بإنقاذ أعماله وهو ما يجني ثمرته الدائنون في النهاية فنجد أن لأمين التصفية دور مهم وفعال في إعادة التنظيم المالي والعمل على تسهيل المفاوضات مع الدائنين حتى يتم التوصل لنتيجة ايجابية بالنيابة عن المدين ونلاحظ أن هذا الإجراء ليس حقًا فقط للمدين بل أيضا للدائن والجهة المختصة وفقا لأحكام المادة 42 من نظام الإفلاس.
ثالثًا التصفية:
إجراء التصفية يعد من المراحل الهامة التي تم إدماجها في نظام الإفلاس السعودي ويحتوي عليها أي نظام إفلاس آخر بالعالم وذلك لمدى ضروريتها الحتمية حيث يتم بيع أصول الدائن وإعادة توزيعها على الدائنين في سبيل حصر مطالباتهم. هذا الأمر بطبيعة الحال يجري تحت إشراف وإدارة أمين التصفية وهو من الإجراءات التي بدورها تقلل الضرر على الشخص المدين وتساهم في استيفاء المدينين لحقوقهم.
نصت المادة الأولى من نظام الإفلاس على تعريف اجراء التصفية بأنه“إجراء يهدف إلى حصر مطالبات الدائنين وبيع أصول التفليسة وتوزيع حصيلته على الدائنين تحت إدارةأمين التصفية“. وفي هذا الإجراء يحق للمدين أو الدائن التقدم بطلب افتتاح إجراءات التصفية (الإفلاس) إذا كان المدين متعثرًا او مفلسًا. ويقدم طلب افتتاح إجراءات التصفية للمحكمة مرفقاًً معه مقترح بالوثائق والمستندات والمعلومات وفق ماتحدده اللائحة. وتقوم المحكمة بتعيين (أمين التصفية) من قائمة أمناء الإفلاس ونصت المادة 100 من نظام الإفلاس على غل يد المدين عن إدارة نشاطه ويحل الأمين محل المدير خلال فترة التصفية.
وقد نصت المادة 116 الفقرة الأولى من نظام الإفلاس: يصدر الأمين قرارًا بتوزيع حصيلة بيع أصول التفليسة علىالدائنين وفقًا لما تحدده اللائحة ويتولى الأمين توزيع هذه الحصيلة على الدائنين وفقًا لترتيب الأولوية.
رابعًا التسوية الوقائية لصغار المدينين:
وهو إجراء يهدف إلى تمكين المدين الصغير من التوصل إلى اتفاق مع دائنيه لتسوية ديونه خلال فترة معقولة عبر إجراءات يسيرة بتكلفة منخفضة وكفاية عالية مع احتفاظ المدين بإدارة نشاطه. لابد أن نلاحظ أن التسوية الوقائية لصغار المدينين تختص بالكيانات الصغيرة والمتوسطة أما التسوية الوقائية فتختص بالكيانات الكبيرة أو المؤثرة في الاقتصاد. أيضًا الاختلاف الثاني هو أن المدين في إجراء التسوية الوقائية لصغار المدينين يتولى اجراء التسوية الوقائية بقرار منه ولا تدخل به المحكمة إلا عند تلبية طلب المدين الصغير بتعليق مطالبات الدائنين.
خامسًا إعادة التنظيم المالي لصغار المدينين:
يهدف هذا الإجراء إلى تيسير توصل المدين الصغير إلى اتفاق مع الدائنين وذلك بهدف إعادة التنظيم المالي لنشاطه خلال مدة معقولة من خلال إجراءات يسيرة وتكلفة منخفضة وكفاءة عالية، ولكن تحت إشراف الأمين.
سادسًا التصفية لصغار المدينين:
أيضًا نجد هذا الإجراء موجه لصغار الدائنين وقد نص عليه الفصل الثامن من نظام الإفلاس ومن خلاله يتم بيع أصول التفليسة والقيام بتوزيع الحصيلة المالية الناتجة عنها على الدائنين وأيضًا نجد أن هذا الإجراء يتم بتكلفة مالية جدًا بسيطة وبإجراءات يسيرة بما أنه موجه إلى صغار التجار.
سابعًا التصفية الادارية:
إن الهدف من التصفية الإدارية هو القيام ببيع أصول التفليسة وبالرغم من أن هذا البيع لا يتوقع منه الوفاء التام لجميع حقوق الدائنين المالية إلا أنها تُستعمل للوفاء الجزئي وغالبًا ما نجد هذا الإجراء عندما يتعلق الأمر بصغار الدائنين، وبطبيعة الحال يتم هذا الإجراء تحت إدارة لجنة الإفلاس وفقا لأحكام المادة 167 من نظام الإفلاس.
ختامًا نجد أن نظام الإفلاس السعودي قد ساهم بشكل كبير في تشجيع الاستثمارات والنهوض بالاقتصاد المحلي وذلك من خلال تمكين المدين من تصحيح وضعه والاستمرار في ممارسة نشاطه وفي الوقت ذاته حماية حقوق الدائنين دون الإخلال بها من خلال التسوية الوقائية وإعادة التنظيم المالي. كما راعى النظام وضع المنشئات الصغيرة والمتوسطة من خلال إفراد أحكاممبسطة لها عند اضطراب أحوالها المالية وذلك لتشجيعها للمبادرة وخوض غمار الأنشطة التجارية والاقتصادية.
في حال كان لديك أي استفسار يتعلق بحقوق المؤلف بإمكانك طلب استشارة قانونية عبر موقعنا.