إن التقدم التكنولوجي السريع في هذا العصر هو سلاح ذو حدين، فرغم العديد من المميزات و الرفاهيات التي وفرها هذا التطور للبشرية، إلا أنه سبب ظهور العديد من المشاكل والأزمات والتي تعرف باسم “الجرائم المعلوماتية” وهي من أنواع الجرائم المعلوماتية المتعلقة بالعالم الرقمي.
وقد وضعت المملكة العربية السعودية نظام وقواعد قانونية لمحاربة هذه الجرائم يسمى بنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية و سنتعرف على هذا النظام بالتفصيل فيما يلي.
نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية
تم وضع نظام العقوبة للجرائم المعلوماتية دون وضع حد أدنى للعقوبة سواء كانت السجن أو الغرامة المالية، بل ترك النظام الحد الأدنى للعقوبة لحكم القاضي ليكون له الحرية الكاملة في تقدير العقوبة حسب رؤيته ومعطيات القضية، بينما تم تحديد الحد الأقصى للعقوبة حسب نوع الجريمة، وسوف نتعرف على أنواع الجرائم والعقوبات فيما يلي:
ما هي أنواع الجرائم المعلوماتية؟
النوع الأول: جرائم الاحتيال الإلكتروني والوصول غير المشروع
قد نصت المادة الثالثة على هذا النوع من الجرائم والذي يتحقق بحدوث بعض الأفعال مثل:
- التعدي على الحياة الخاصة للآخرين من خلال التقاط صورة أو تصوير مقطع فيديو لشخص آخر دون علمه أو دون أخذ الإذن منه.
- التشهير بالآخرين من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
- الدخول غير المشروع وغير المستحق بهدف التهديد والابتزاز لشخص ما، وإجباره على فعل أشياء يرفضها أو منعه من القيام ببعض الأمور الحياتية.
- الدخول الغير مشروع واختراق حساب الآخرين بهدف الاتلاف أو الاستغلال أو التعديل دون وجه حق.
وعند إثبات المحكمة أن أحد الأشخاص قام بأي فعل من الأفعال التي تم ذكرها
فإن العقوبة تكون السجن لمدة لا تزيد عن سنة، أو دفع غرامة مالية لا تزيد عن 500 ريال سعودي.
النوع الثاني: جرائم الاعتداء على البيانات البنكية والأموال
تنص المادة الرابعة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أنه في حال تم الاستيلاء على الأموال من خلال الخداع الإلكتروني سواء باختراق الحساب البنكي، أو استخدام اسم كاذب للخداع، أو الوصول لبيانات وملكية الأوراق، فإن العقوبة في هذه الحالة تكون السجن لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، أو دفع غرامة مالية للشخص المتضرر بقيمة لا تزيد عن مليوني ريال سعودي.
النوع الثالث: الاعتداء على المواقع والبيانات والشبكة المعلوماتية
يضم هذا النوع من الجرائم جرائم حذف أو إلغاء البيانات الخاصة بصاحب الشبكة والموقع، تدمير وتسريب البيانات الخاصة أو تغير البيانات، مسح وتدمير البرامج والبيانات التي ترتبط بحساب الشخص المتضرر.
وقد نص قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية على أن العقوبة تكون بالسجن لمدة لا تزيد عن أربع سنوات، أو الغرامة المالية بمبلغ لا يتجاوز الثلاث ملايين ريال سعودي.
النوع الرابع: جرائم الاعتداء على القيم الدينية والنظام العام
حددت المادة السادسة من النظام السعودي لمكافحة الجرائم المعلوماتية الأفعال التي يتم تصنيفها كأفعال تمس النظام العام والقيم الدينية، ومنها:
- المساس بالقيم الدينية من خلال تخزين أو نشر مواد تؤثر بالسلب على الآداب العامة للمجتمع و تخالف التعاليم الدينية.
- جرائم الإتجار بالجنس البشري.
- الأنشطة الإباحية التي تخالف الشريعة والآداب العامة، مثل نشر البيانات التي تتعلق بكيفية الوصول للشبكات الإباحية، أو الاشتراك في هذه الشبكات.
- الإتجار بالمخدرات والمؤثرات التي تفقد الإنسان عقله وتركيزه، واستخدام المواقع الإلكترونية في ذلك.
وقد نصت المادة السادسة على العقوبات التي تتعلق بالأفعال السابقة بحيث تكون بالسجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات، أو الغرامة المالية بمبلغ لا يتجاوز ثلاثة ملايين ريال سعودي.
النوع الخامس: المساعدة أو التحريض أو الاتفاق على ارتكاب جريمة معلوماتية
نصت المادة التاسعة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أنه في حال وقوع جريمة التحريض أو المساعدة في ارتكاب جريمة معلوماتية، وهي ما تُعرف قانوناً باسم “المساهمة الجنائية” على أنه في حالة وقوع جريمة نتيجة التحريض أو المساعدة فإن الشخص تطبق عليه العقوبات المذكورة سابقًا، وإذا لم تقع الجريمة رغم وجود التحريض والاتفاق من الشخص المتهم فإن العقوبة لا تتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة للجريمة الأصلية.
ما هي حالات الإعفاء من عقوبة الجرائم المعلوماتية؟
أتاحت المادة الحادية عشر من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية للقاضي الحق في إعفاء المتهم من العقوبة، في حالة مبادرته بالإبلاغ عن الجريمة، وينقسم الإعفاء لحالتين هما:
- الإبلاغ قبل العلم بالجريمة من قبل السلطة: فإذا قام المتهم بإبلاغ السلطات بالجريمة قبل وقوعها وقبل العلم من جهة السلطات، فيمكن للقاضي إعطاءه الإعفاء التام.
- إذا كان الإبلاغ بعد علم السلطات بالجريمة وقد ساعد إبلاغه في الوصول إلى باقي الجناة والمتهمين، في هذه الحالة يمكن للقاضي أن يعطيه الإعفاء.
ما هي حالات التخفيف من عقوبة الجرائم المعلوماتية؟
هناك بعض الحالات قد يُصدر فيها القاضي الحكم بتخفيف العقوبة عن المتهم، مثل:
- مراعاة حالة المتهم: من حيث الوضع الاجتماعي والإنساني والمادي، كما أن عدم وجود سوابق في سجله يساعد في تخفيف العقوبة.
- في حالة تسببت العقوبة في ضرر جسيم للمتهم.
- التدرج في العقوبة وتم تحديد ذلك من خلال تحديد مدى التأثير السلبي الذي حدث بسبب هذه الجريمة على المجني عليه.
- تحقيق غرض الزجر وليس إيلام الشخص من تنفيذ العقوبة، وذلك لأنه بلاشك الهدف الأساسي من العقوبات هو التهذيب والإصلاح وليس التعذيب فقط، فإذا رأى القاضي تحقيق غرض التهذيب والإصلاح بعد مدة أقل من المحددة للعقوبة فيمكنه تخفيف مدة العقوبة والوصول إلى الحد الأدنى الممكن الوصول إليه.
الحالات التي تشدد فيها العقوبة على الجرائم المعلوماتية؟
هناك عدة حالات يصل فيها القاضي إلى الحد الأقصى من العقوبات، مع التشديد على تنفيذها ومن هذه الحالات:
- ارتكاب أنواع جرائم الكترونية من خلال عصابات منظمة.
- استغلال الأفراد للوظائف العامة والنفوذ، ويحدث ذلك عند إثبات أن المتهم قام بهذه الجرائم من خلال استغلال وظيفته أو منصبه في المجتمع.
- استغلال المتهمين القُصر والتغرير بهم واستغلال طفولتهم لتنفيذ هذه الجرائم.
- صدور الأحكام السابقة بالإدانة، وذلك إذا كان جاني له أحكام محلية أو أجنبية بالإدانة في جرائم معلوماتية مشابهة، ويطلق على هذه الحالة “العود”.
ختاماً، تعد هذه الجرائم من أخطر أنواع الجرائم في العصر الحديث، وقد تؤدي إلى فساد كبير بين الأفراد وحتى المؤسسات من اختراق وانتهاكات لمعلوماتها السرية، لذا من الضروري العلم والدراية الكافية حول الجرائم المعلوماتية وكيفية تفاديها وما الإجراءات القانونية اللازمة حيال هذا النوع من الجرائم.
وفي حالة وجود أي استشارات قانونية بشأن هذا الأمر؛ فيمكنكم طلب استشارة من خلال الموقع (طلب استشارة قانونية) أو التواصل معنا بكل سهولة على الواتساب من هنا.