يتزامن مع حرص المملكة العربية السعودية الشديد على تسهيل حياة مواطنيها بشكل كبير في مختلف مجالات الحياة، إصدار قوانين وتشريعات تعمل على حل أي نزاعات أو خلافات تحدث بين المواطنين، ومن هنا تبرز إجراءات المصالحة وما تتضمنه من أسس وشروط هامة.
حيث تعد المصالحة من أهم الوسائل التي يمكن اللجوء إليها من أجل حل أي خلاف بالتراضي بين جميع الأطراف، مع ضرورة مراعاة تحقيق العدالة للجميع دون اللجوء إلى الهيئات القضائية والمحاكم، وأيضًا ضمان حقوق كافة أطراف النزاع، بالإضافة إلى أن عملية المصالحة تتم من خلال مركز المصالحة والمكاتب التابعة له.
ومن منطلق أهمية المصالحة والإجراءات الخاصة بها في المملكة كطريقة لحل الخلافات بالتراضي، فقد قررنا في هذا المقال الحديث عن إجراءات المصالحة بشكل تفصيلي، مع ذكر العديد من المعلومات الهامة التي تتعلق بهذا الأمر.
إجراءات المصالحة| تعريف المصالحة في السعودية
يتم تعريف المصالحة وفق النظام السعودي أنها عبارة عن “وسيلة رضائية تستخدم لحل الخلافات من قبل مكاتب المصالحة، ويمكن أن يكون الصلح صلحًا جزئيًا أو كليًا”، ويجب التنويه إلى أن هذه المكاتب دائمًا ما تكون تابعة إلى مركز المصالحة، والذي تم تأسيسه وفق قرار مجلس الوزراء الذي حمل رقم 103 بتاريخ 8 – 4 – 1434 هـ.
قد يهمك أيضًا قراءة: ضريبة الدخل في السعودية
الدعاوى التجارية التي يجب اللجوء فيها إلى المصالحة
نصت المادة الثامنة والخمسون من اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية على أن هناك بعض الدعاوى التي يجب فيها اللجوء إلى المصالحة قبل قيدها في المحكمة، وتتمثل هذه الدعاوى في النقاط التالية:
- منازعات الشركاء في شركة المضاربة.
- النزاعات الحاصلة بين التجار بسبب أعمالهم التجارية الأصلية أو التبعية.
- الدعاوى المرفوعة على التاجر والتي تتعلق بخلافات العقود التجارية، مع وجوب أن تكون قيمة المطالبة الأصلية فيهم لا تزيد عن مليون ريال.
- الدعاوى التي يكون طرفاها زوجين، أو تربطهم صلة قرابة إلى الدرجة الرابعة.
- الدعاوى المستندة إلى عقود تم الاتفاق فيها على اللجوء إلى المصالحة قبل المحاكم.
إجراءات المصالحة| مهام مكاتب المصالحة في السعودية
هناك بعض المهام التي تختص بها مكاتب المصالحة، حيث تتولى هذه المكاتب المصالحة في عدة منازعات، وهي:
- المنازعات المحالة من المحاكم.
- المنازعات التي يقوم أطرافها أو بعضهم بإحالتها إلى مكاتب المصالحة في البداية، أو بعد البدء في نظر المنازعة في أيٍ من مراحل الدعوى.
ويجب التنويه إلى أن مكاتب المصالحة لا تقوم بالمصالحة في الأمور التي لا يجوز فيها الصلح شرعًا، وأيضًا الأمور التي ليس لأطراف المصالحة حق الصلح فيها، وأيضًا الأمور التي تخالف النظام.
إجراءات المصالحة في السعودية
1- قيد الطلبات في مكاتب المصالحة: عند قيام المحكمة بإحالة طلب المصالحة، فإنه يتم إحالته إلى مكتب المصالحة التابع إلى المحكمة التي تم رفع الدعوى بها، وفي حالة عدم وجود مكتب للمصالحة؛ ففي هذه الحالة يتم إحالة الطلب إلى المكتب الذي يحدده المركز.
وفي حالة قيام أطراف النزاع أو جزء منهم بتقديم طلب المصالحة دون أي إحالة من المحكمة؛ ففي هذه الحالة يتم تقديم الطلب إلى المركز أو مكتب المصالحة وهذا وفقًا للنموذج المعتمد، كما يقوم المكتب الذي قدم إليه الأطراف طلب المصالحة عملية الصلح، أو يتولى هذا الأمر الجهة التي يتم تحديدها من قبل المركز.
ويجب العلم أن طلب المصالحة يتم تقييده في يوم إحالته، ويُمنح رقمًا يميزه، وبعدها يقوم مدير مكتب المصالحة أو من ينوب عنه بإحالة الطلب إلى المصلحين التابعين إلى الوزارة والمكتب، مع ضرورة مراعاة التعليمات الصادرة عن المركز ورغبة أطراف النزاع.
2- تحديد مكان وموعد الجلسات وإبلاغ الأطراف: تعد المرحلة الثانية من إجراءات المصالحة هي العمل على تحديد المكان الذي سيتم فيه عقد جلسات الصلح وموعدها، مع إعلام أطراف النزاع بهذا الأمر، ويقوم المركز في المنازعة بتحديد هذه التفاصيل.
أما عند عدم تحديد المركز المكان والموعد؛ فإن مكتب المصالحة هو من يقوم بهذا الأمر وهذا في خلال فترة لا تزيد عن 14 يومًا من تاريخ قيد الطلب الخاص بالمصالحة، كما يتم إعلام الأطراف عبر مكتب المصالحة أو طالب الصلح.
وعند غياب أحد طرفي النزاع عن الجلسة يتم تحديد موعد جديد خلال 7 أيام من موعد الجلسة الأولى، وفي حالة تغيب أحد الأطراف أو كلاهما مرة ثانية أو تعذر الوصول إليهم؛ ففي هذه الحالة يتم حفظ طلب المصالحة، كما أن يكمن عقد جلسة المصالحة إلكترونيًا أو في أي مكان آخر مع مراعاة الشروط التي يصدرها المركز.
3- حضور جلسات المصالحة: هناك بعض الأفراد الذين يقتصر عليهم حضور الجلسات، وهم:
- المصلح.
- أطراف المصالحة، أو من ينوب عنهم بتوكيل يتضمن الصلح.
- الممثل النظامي للشخصية الاعتبارية.
- وكلاء أطراف المصالحة حتى في حالة حضور من قام بتوكيلهم.
- الشخص الذي يقبل كافة أطراف الصلح حضوره.
ويعد من أهم قواعد هذه الجلسات، هو قيام كل من يحضر الجلسة بخلاف المصلحين ومساعديهم بالتوقيع على تعهد ينص على عدم الإفصاح عن ما ورد في الجلسة، مع الالتزام بآدابها.
قد يهمك أيضًا قراءة: الاسم التجاري للشركات والأفراد بالسعودية
4- حالات انتهاء المصالحة: هناك بعض الحالات التي تنتهي فيها المصالحة، وتتمثل هذه الحالات في النقاط التالية:
- غياب أحد أطراف المصالحة.
- انسحاب أحد أطراف المصالحة في أي مرحلة منها.
- الوصول إلى صلح ينهي الخصومة.
- تعذر الصلح لوفاة أحد أطرافه أو انقضاء شخصيته الاعتبارية.
- تجاوز جلسات الصلح العدد والوقت المحدد لها.
- تأكد المصلح من عدم جدوى إجراءات المصالحة، أو مخالفة أطراف الصلح لآدابه بشكل متكرر.
5- تحرير محاضر جلسات المصالحة: تعد هذه الخطوة هي الخطوة الأخيرة في إجراءات المصالحة، وتتضمن هذه الخطوة أو المرحلة عدة حالات، سنقوم بذكرها في السطور القادمة.
- عند انتهاء عملية المصالحة دون الوصول إلى صلح: يتم تحرير تقرير من قبل المصلح يتضمن المعلومات الأساسية من تاريخ جلسات المصالحة ومكانها، واسم المصلح وأطراف المصالحة ومعلوماتهم الأساسية، وأسماء الحضور وملخص المنازعة دون ذكر ما حدث في الجلسة، ويتم حفظ هذه المعاملة مع إبلاغ المحكمة المحيلة في حالة إحالة القضية.
- عند انتهاء عملية المصالحة مع صلح في بعض المنازعة: يتم تحرير تقرير من قبل المصلح يتضمن انتهاء المصالحة دون الوصول إلى صلح كامل، مع تحرير محضر صلح يتضمن الجزء الذي تمت المصالحة فيه مع توضيح هذا الجزء بشكل دقيق، ويتم حفظ هذه المعاملة مع إبلاغ المحكمة المحيلة في حالة إحالة القضية.
- عند انتهاء عملية المصالحة والوصول إلى صلح كامل: يتم تحرير محضر صلح من قبل المصلح، مع إبلاغ المحكمة المحيلة في حالة إحالة القضية.
وفي ختام هذا المقال، تعد إجراءات المصالحة الخطوة الأهم في عملية المصالحة التي ينص عليها القانون في المملكة العربية السعودية؛ من أجل حل النزاعات بين المواطنين بشكل رضائي وعدم اللجوء إلى المحاكم والهيئات القضائية.
وفي حالة وجود أي استشارات قانونية بشأن هذا الأمر؛ فيمكنكم طلب استشارة من خلال الموقع (طلب استشارة قانونية) أو التواصل معنا بكل سهولة على الواتساب من هنا.
روابط قد تهمك: