في إطار سعي وزارة التجارة بالتعاون مع هيئة السوق المالية لتعزيز دور الأنظمة الاقتصادية التنموية وبهدف توفير بيئة حاضنة ومحفزة للمبادرة والاستثمار وتعزيز قيمة الشركات وتنمية نشاطها وإسهامها في خدمة الاقتصاد الوطني قامت وزارة التجارة بتطوير نظام الشركات القديم الصادر بالأمر الملكي رقم /3/م تاريخ 28/1/1337 وذلك في ضوء دراسة أفضل الأنظمة الدولية (فرنسا -إنجلترا – الولايات المتحدة – سنغافورة – الإمارات العربية المتحدة ) وذلك بهدف تعزيز حوكمة الشركات وتيسير الإجراءات والمتطلبات لتحفيز بيئة العمل ودعم الاستثمار وتسهيل جذب رؤوس الأموال وتوفير مصادر تمويل طويل الاجل بأقل التكاليف والحد من المخاطر والمنازعات بين أصحاب المصالح.
صدر نظام الشركات السعودي الجديد بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1 /12 /1443هـ ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 26 / 06 / 1444هـ حيث يعد نظام الشركات السعودي الجديد من ضمن التحديثات التشريعية التي تؤكد حرص المملكة العربية السعودية على القيام بالإصلاحات الهيكلية للجانب المالي والاقتصادي وأيضاً ضمان رؤيتها عام 2030م من حيث الوصول للتنمية الاقتصادية المتنوعة والمستدامة من بين جميع دول العالم.
تعريف الشركة في النظام السعودي الجديد:
الشركة كيان قانوني يؤسس وفقًا لأحكام النظام بناء على عقد تأسيس أو نظام أساس يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معًا لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، واستثناء من ذلك، يجوز -وفقًا لأحكام النظام- أن تؤسس الشركة بالإرادة المنفردة لشخص واحد، ويجوز تأسيس شركات غير ربحية وفقًا لما ورد في الباب (السابع) من نظام الشركات التجارية .
وسوف نستعرض في هذه المقالة أبرز الأحكام الجديدة التي جاء بها نظام الشركات الجديد:
أولًا: اعتبار الشركة كيان قانوني
خلافا لأحكام نظام الشركات القديم فقد اعتبر النظام الجديد أن الشركة هي كيان قانوني وليست عقد ولعل من أهم الآثار المترتبة على تغيير مفهوم الشركة في نظام الشركات الجديد إلى كيان قانوني أن الشركة أصبحت لا تنشأ بمجرد توافق الإرادات إذ لا يكفي مجرد إبرام العقد لاعتبار الشركة قائمة فالعقد في حد ذاته لا يُكسب الكيان الشخصية القانونية بل يجب أن يؤسس هذا الكيان وفق أحكام النظام الجديد حيث حدد النظام أشكال الشركات التي يمكن أن تتخذها الشركة وأوجب أن يكون هناك اسم تجاري لكل شركة وغيرها من الإجراءات الأخرى إلى أن يتم قيد الشركة في السجل التجاري وشهرها وبانتهاء هذا الإجراء الأخير تنشا الشخصية الاعتبارية للشركة وتنتقل جميع التصرفات والأعمال والالتزامات التي أجراها المؤسسون إلى ذمة الشركة لأن كيان الشركة سيعتبر قد نشأ حسب النظام الجديد.
ثانيًا: الغاء شكل شركة المحاصة واستحداث نوع جديد من أشكال الشركات
يعود السبب الرئيس في إلغاء شركة المحاصة هو أن هذه الشركة تبقى مستترة ومخفية وليس لها وجود أمام الغير ولا يشترط فيها القيد في السجل التجاري أو الشهر وهو الأمر الذي يتعارض مع الفكرة الحديثة التي تبناها نظام الشركات الجديد باعتبار أن الشركة كيان قانوني أي أن قيد الشركة في السجل التجاري وإشهارها هو شرط أساسي لوجودها وباعتبار ان شركة المحاصة لا يتم شهرها في السجل التجاري فقد تم إلغاؤها في النظام الجديد.
كما تم استحداث نوع جديد من الشركات وهي شركة المساهمة المبسطة يتماشى مع احتياجات ومتطلبات ريادة الأعمال ونمو رأس المال وهذا النوع من الشركات له نظام أساسي وليس عقد تأسيس ويعد نمط عالمي جديد يناسب الشركات الصغيرة والمتوسطة بمزايا ومرونة عالية ويتم تأسيسها من شخص واحد أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية ويكون رأس مالها مقسماً إلى أسهم قابلة للتداول وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها وتسري عليها أحكام شركات المساهمة غير المدرجة في السوق المالية.
ثالثًا: السماح بإبرام اتفاق او ميثاق عائلي
عزز نظام الشركات الجديد ولوائحه التنفيذية استقرار استدامة الشركات العائلية حيث مكن الشركاء أو المساهمين فيها من إبرام ميثاق عائلي لتنظيم الملكية العائلية في الشركة وحوكمتها وإدارتها وسياسة العمل وتوظيف أفراد العائلة وآلية توزيع الأرباح وآلية التصرف بالحصص أو الأسهم وآلية تسوية المنازعات أو الخلافات.
ومكن النظام الجديد الذي بدأ سريانه اعتباراً من 19 يناير الجاري من أن يكون هذا الميثاق جزءاً من عقد تأسيس الشركة أو من نظامها الأساس حيث سمح بإمكانية دخول الورثة في حصة مورثهم في الشركة سواءً بأشخاصهم أو من خلال شركة يؤسسونها لهذا الغرض.
جاءت هذه الخطوة نظراً لأهمية ودور الشركات العائلية في الاقتصاد الوطني، والتي تشكل النسبة الأكبر من إجمالي المنشآت بمختلف الأنشطة والقطاعات الاقتصادية في المملكة.
رابعًا: الاستثناء من تعيين مراجع حسابات للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر
اتّجه النظام الجديد بشكل واضح نحو دعم الاقتصاد وتسهيل عمل الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة. إذ استثنى النظام الشركات متناهية الصغر والصغيرة من متطلب تعيين مراجع الحسابات مراعاة لحداثتها وحجمها. ونلاحظ ارتفاع السقف الفاصل بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة مقارنة بما هو معمول به في الدول الغربيّة وهذا يرجع إلى مراعاة الواقع الاقتصادي المحلّي والرغبة في تشجيع إنشاء الشركات وريادة الأعمال عبر توسعة مجال التسهيلات القانونية للشركات الصغيرة والمتوسطة.
خامسًا: تقرير الأحكام الخاصة بالشركات غير الربحية
تضمن نظام الشركات السعودي الجديد نوع من الشركات يمكن تأسيسه في المملكة لا يكون الغرض منها تحقيق أي أرباح، وتسمى تلك الشركات بالشركات غير الربحية، وإدراج هذا المسمى في نظام الشركات يعتبر محاولة لاحتواء القطاع غير الربحي ومساعدته على أن يكون له دور فاعل في الاقتصاد الوطني كذراع استثماري مُمَكن للارتقاء بالقطاع الثالث.
سادسًا: تطوير أحكام التحول والاندماج بين الشركات والسماح بانقسام الشركة الى شركتين او أكثر
أجاز النظام الجديد نقل أصول والتزامات أصحاب المؤسسات الفردية إلى أي شكل من أشكال الشركات كما أجاز تقسيم الشركة إلى شركتين أو أكثر ولو كانت في دور التصفية، وللشركات الناشئة عن التقسيم اتخاذ أي شكل من أشكال الشركات وفق أحكام النظام الجديد.
سابعًا: إتاحة تنفيذ الإجراءات إلكترونيًا
في إطار سعي المملكة العربية السعودية لتسهيل وتيسير الإجراءات في نظام الشركات الجديد فقد أتاحت تنفيذ بعض الإجراءات إلكترونيا وذلك من خلال تقديم طلبات التأسيس وحضور الجمعيات والتصويت على القرارات بوسائل التقنية الحديثة.
ثامنًا: وسائل حل المنازعات
أتاح النظام الجديد وسائل لحل المنازعات والخلافات باللجوء إلى التحكيم أو غيره من الوسائل البديلة لتسويتها وهو يعتبر خطوة ناجحة ويوفر قدر أكبر من المرونة لتسهيل إجراءات حل المنازعات.
كانت هذه بعض أبرز النقاط التي تميز بها نظام الشركات السعودي الجديد وبطبيعة الحال النظام الجديد لا يخلو من العديد من التفاصيل التي تخص كل نوع من أنواع الشركات التي ينظمها وسوف نستعرض في المقالات القادمة أنواع الشركات التي ينظمها النظام الجديد وما هي مميزات كل نوع من الشركات وأبرز النقاط الجديدة التي أقرها القانون الجديد لكل نوع.